من المهم أيضاً أن تكون لديك خلفية"عامة" عن الجهة التي تتفاوض معها، فلكل شعب من شعوب الأرض سمة عامة تجمعهم خصائصها ، وبالتالي عليك أن تأخذها بعين الاعتبار" قبل ،وأثناء التفاوض" وسوف نعرض لها باختصار:
إن جاز لنا أن نضع تخيلنا للمطاعم في المدينة الفاضلة سوف تكون تحت إدارة ألمانية ، بينما سيكون المشرف فرنسياً والنادل إنكليزيا والطاهي إيطالياً وفي المقابل إذا تصورنا مدينة بدائية فسوف تكون الإدارة في المطاعم إيطالية ، بينما سيكون المشرف ألمانياً والنادل فرنسياً والطاهي إنجليزياً . ذكر الممثل الكوميدي جورج كارلين "أن الشؤون الميكانيكية في المدينة الفاضلة يجب أن تكون في يد الألمان ، بينما يتولون السويسريون الإشراف على الفنادق ويكون الطهاة فرنسيين والعشاق إيطاليين والشرطة إنجليزية ، وفي المقابل يتولى الإيطاليون الشؤون الميكانيكية في المدينة البدائية ويقوم الفرنسيون بالإشراف على الفنادق والإنكليز بالطهي بينما يكون العشاق من سويسرا والشرطة من ألمانيا" . إنها نمطية في التفكير بالتأكيد ، إلا أنه من الخطأ تجاهل السمات التي يتمتع بها كل شعب في مجال العمل باسم تجنب النمطية .
يجب أن نتعرض للخصائص التفاوضية لغير الأمريكيين ، إلا أنني أنأى بنفسي من تهمة الوصمة النمطية لأنني لا أشير بالطبع إلى أن كل الأشخاص الذين يعيشون في بلد واحد أو تربطهم خلفية قومية واحدة يجب أن يحملوا نفس السمات. إلا أنه يبدو من الأمور الواقعية أن نعرف أن النسبة الأكبر من أبناء الشعب الواحد سوف يتصرفون بنفس الصورة . ولهذا فإنه من المجدي التعرف على الاتجاهات المختلفة للشعوب ومراقبة سلوك غير الأمريكيين حال التفاوض معهم في ضوء هذه المعرفة لتبين مدى توافقهم مع النموذج المرسوم.
الشعب الإنكليزي :
يجب أن تكون شديد الحرص بمعرفة الأصل القومي حال تعاملك مع الإنكليز .
إذ أن بريطانيا العظمى تضم انكترا وويلز واسكتلندا، أما المملكة المتحدة فهي تضم بالإضافة إلى ذلك ايرلندا الشمالية. تصل نسبة الإنكليز في الدول الثلاثة التي تضمهم بريطانيا العظمى إلى 82% وهذا يعني أنك يجب أن تفترض أنهم جميعهم إنكليز ما لم تجد أحدهم يرتدي الحذاء الايرلندي. إن الإنكليزي يفضل دائما أن تطلق عليه إنكليزيا وليس بريطانياً وترجع تلك الحساسية في إحدى جوانبها إلى المشاكل الضخمة التي تسببت فيها الهجرة حيث أنه حتى الستينيات من القرن العشرين كان أي شخص يولد في إحدى المستعمرات البريطانية (التي كانت تضم 60% من مساحة الأرض في آن واحد) يحمل جوازاً بريطانياً ويحق له الهجرة الى انكلترة ولعلك سوف تسمع كثيرا هذه المقولة حال تعاملك مع الإنجليز"أرجو أن لا تقول أنني بريطاني ، إذ أن البريطاني قد يكون وافدا من أي مكان أما أنا فإنكليزي".
يجب أن تحدد موعدك مع الإنكليزي في وقت يسبق اللقاء بفترة طويلة،لأن الإنكليزي يحيا في ظل جدول أعماله ، كما يجب ان تصل في الموعد المحدد.
ولكن احذر أن تسبق الموعد.
أن تصل متأخراً بعشر دقائق خير لك من أن تسبق الموعد بدقيقة واحدة في المناسبات الاجتماعية.
يتميز الإنكليز بالأدب الجم . تذكر أن 60 مليون بريطانيا يعيشون في بلد تبلغ مساحته نصف مساحة"أوريجون". حيث يعيش معظمهم في البلاد المحيطة بلندن.
وهذا يعني أن الإنسان في ظل هذا البلد المزدحم يجب أن يحكم سلوكه بعدد من الضوابط والحدود.
إن هذه النقطة تعد مفتاح فهم الشخصية الإنكليزية.
وهكذا فإن قام أحد الأشخاص بالعزف على آلة" الساكسيفون"في قطار مزدحم في إنكلترا ، فإنه من غير المألوف أن يقوم أي أحد بالاعتراض على تصرفه،
أما في أمريكا فإن هذا الشخص سوف يتم إسكاته على الفور.
نادرا ما يبادر الإنكليزي بطرح سؤال شخصي على الرغم من أنه من الطبيعي في أمريكا أن يبادرك أحد الأشخاص بالحديث قائلا:"ما الذي تفعله؟"، أو" ما عنوانك الحالي؟".والذي يعد تدخلا صارخا بالنسبة للإنكليزي.
إلا أن حياؤه سوف يدفعه في هذه الحالة الى الإجابة عن سؤالك ،ولكنه لن يقابل سؤالك بسؤال.
إن الإنكليزي لا يحب التحدث مع الغرباء ، أما أفضل طريقة لبدأ الحوار مع شخص غريب في إنكلترا فهي الإشارة الى حالة الجو بشكل عام، كأن تقول على سبيل المثال:"إنه يوم لطيف" أو" يبدو أنها سوف تمطر".
فإن جاء الرد غير مفسر وأحادي اللفظ حتى أنك لم تتمكن من تبين معناه، فهذا لايعني أن هذا الشخص غير مهذب ، وإنما هو ببساطة لا يود التحدث معك في ذلك الوقت.
أما إن كان يرغب في مواصلة الحديث ،فسوف يجيبك بشكل يماثل شكل السؤال التقليدي قائلا:" إن زهوري بحاجة الى بعض المطر"أو" لا يدهشني نزول المطر في هذا الوقت من السنة،إن الأمر لا يثير دهشتي بالمرّة.".
يمكنك في هذه الحالة أن تبدأ حديثك معه، ولكن تذكر أنك يجب أن لا تطرح عليه أية أسئلة شخصية.
يمكنك أن ترفض دعوته لتناول الشاي دون أن يأخذ ذلك على محمل سلبي ،وهو ما يعتبره غير الإنكليزي في أي مكان في العالم بمثابة إهانة.
الشعب الفرنسي:
يفخر الفرنسي بأن باريس عاصمة الموضة في العالم، فهو يقدّر الأناقة ، لذا يجب أن تحرص على الظهور بهيئة أكثر رسمية من تلك الهيئة التي تتسم بها عادة في بلدك.كما يجب أن تضيف بعض الرتوش على مظهرك كأن تضع منديلا في جيبك، أو ترتدي وشاحا من الحرير.وتذكر:إن الفرنسي يتباهى بمهارته اللغوية، وهذا يعني أن حب اللغة قد يمنع الفرنسي حتى الذي لا يعرف سوى بعض الكلمات الإنكليزية من محاولة التفوه بها حتى لا يبدو عليه أنه لا يجيدها.
الفرنسي يعتز ببلاغته، وهو يعشق الحديث والمجادلة، ولاشي يمتعه أكثر من هذا الجدل المجرّد الذي يدور أثناء احتساء القهوة الصباحية. حيث يركز جلّ إمكانياته على منطق الجدل وليس على النقطة التي أثارت الجدل.
إن الفرنسي منطقي التفكير، وهو يحرص في عمله على مخاطبة المنطق والتفكير وليس على استشارة العواطف.
حينما يقول الفرنسي أثناء التفاوض:"نعم" فهذا يعني"ربما". أما إن قال" لا" فهذا يعني"دعنا نتفاوض".
يجب أن تحرص على دقة المواعيد حال التعامل مع الفرنسيين نلأنهم يعتبرون التأخير شكل من أشكال الإهانة، كما يجب أن تصافحهم مصافحة سريعة حين تقابلهم، أما تقبيل الخدّ فهو مقصور على الأصدقاء المقربين فقط.
كما يجب أن تنادي كل امرأة ناضجة بلقب " سيدتي" حتى إن لم تكن متزوجة".
أما أهم ما يجب أن تلتفت إليه، فهو أن لا تفسد أي وجبة بالحديث عن العمل،
إن الغداء الفرنسي قد يدوم لمدة ساعتين ، كما أنه تجربة مثيرة حقا. يجب في هذه الحالة أن تتجنب الحديث عن العمل إلا إذا بادر الطرف الآخر بالحديث.
إنه من الأفضل لك كثيرا في هذه الحالة أن تبدي مدى إعجابك بالطعام الفرنسي. كن مستعدا لتحمل نفقة الوجبة الباهظة إذا قمت بدعوة أحدهم على العشاء.
الألمان:
الألمان "بمافيهم السويسريون الناطقون بالألمانية" يندرجون ضمن الشعوب ذات السياق المنخفض ،أي أنهم يضعون جلّ تركيزهم على الصفقة بدلا من التركيز على العلاقة القائمة بين الأطراف، أو المناخ السائد عند توقيع العقد.
ولعل الشعب الألماني هو واحد من الشعوب القليلة التي تفوق الشعب الأمريكي حرصا على إعداد عقود شديدة التفصيل.
ويمكن أن نطلق عليهم بحق اسم"أسياد العقود". أي أنهم عندما يعقدوا الصفقة ، لا يسعون أبدا لإجراء أي تغيير.
صافح الألماني بحرارة عند اللقاء وعند الرحيل،وتحرى الدقة في الحديث لأن هذا يعّد من الأمور الأساسية بالنسبة لهم، ولا تضع يدك في جيبك أثناء الحديث عن العمل ، لأنهم يعتبرون ذلك تصرفا غير لائق،كما أنك يجب أن لا تلق النكات في مكان العمل، لأنهم يرون ذلك غير مناسب على الإطلاق.
يولي الألمان اهتماما شديدا بالألقاب، فلا تنادي الألماني باسمه وإنما بإسم العائلة إلا إذا سمح لك هو بذلك.فإن كنت تملك لقبا فيجب أن تستخدمه، كما يجب أن تحترم ألقاب الآخرين. كما يجب أن يسبق اللقب لفظ: سيد أو سيدة أو آنسة.إذ يجب أن تقول على سبيل المثال:" السيد الدكتور شميث" أو " السيدة الأستاذة شميث".
الآسيوي:
يركّز الآسيوي بشدة على العلاقة بين الأطراف، أي أنه يركز بشدة على مدى ثقته بالطرف الآخر ،وليس العقد الذي يوقع عليه.
سوف يقوم الطرف الآخر في تايلاند أو في أي دولة من دول شرق آسيا بالترحيب بك بواسطة إيماءة صغيرة، وبتوجيه كلتا اليدين تجاهك مع ضم راحة اليد.
يجب أن ترد التحية بنفس الصورة، ولكن يجب أن تحرص على أن تكون يداك عند نفس درجة الارتفاع أو أعلى قليلا.
إن درجة ارتفاع اليدين تعكس درجة احترام الشخص للشخص الذي يقابله.
ينظر الآسيوي الى الوعود المقطوعة أثناء التفاوض بوصفها وعود ممنوحة للشخص القائم بالتفاوض وحده وليس للشركة التي يمثلها.وبينما يطلق الأمريكي على مرحلة توقيع العقد :المرحلة النهائية، ينظر اليها الآسيوي بأنها بداية للعلاقة. ولهذا يجب أن تحرص حال التعامل مع الآسيوي على أن تنقل له فكرة أنك تنظر الى توقيع العقد بوصفه بداية وليس نهاية.
لا تتوقع أن تتواصل مع الآسيوي بلغة العيون، لأنه يعتبر ذلك بأنه تصرفا غير لائق.
الروس والأوكرانيون:
الروس بطبعهم ليسوا رجال أعمال،إن تجريد الحياة الروسية من كل الحوافز ،وحظر" الدين"، خلال سبعين عاما من حياة الإتحاد السوفييتي ،كان يعني بدوره القضاء على أي وازع أخلاقي يحث هذا المجتمع على فعل الخير.
إن حظر الشركات الخاصة التي تدر أرباحا ، كان يعني انعدام الحافز المادي الذي يشجع كل ماهو نافع.
لقد عمل الروس على مدى سبعين عاما لصالح الحكومة وليس لصالح أي جهة أخرى.فقد كان المال لايعني أي شيئ بالنسبة للروس،لأنه حتى عند امتلاك الروسي لأي مال فلم يكن هناك مجال لإنفاقه.
وعلى الرغم من أن بعض الروس قد سارعوا الى ركوب موجة النظام الرأسمالي ، إلا أن العديد منهم قد واجهوا صعوبة في التحرك نحو هذا النظام، ولهذا فلا تتوقع أ، يشكل الربح بالنسبة للروسي نفس القدر من الحافز الذي يشكله للأمريكي.
لا يخشى الروسي أن يبادر بفرض مطالب مبدئية قاسية، فهو ينتظر منك دائما أن تبدي له احترامك، وهو ما قد ينظر إليه الأمريكي على اعتباره تحكما.إلا أن الروسي ينظر الى الأمر بشكل مختلف.
يجب أن تدرس الشخص الذي تقوم بالتفاوض معه، كما يجب أن تشعره بمقدار ما تشعر به من امتنان للتعامل معه.
يتمتع الروسي بعقلية بيروقراطية،ولذلك فهو لا يخشى أن يفصح لك عن وجوب رجوعه الى السلطة الأعلى.وهو ما قد يشعرك بكمّ هائل من الإحباط.
لقد اعتاد الروسي أن يحمي نفسه من اللوم بالحصول على توقيع العديد من الأشخاص على كل ما اتخذ من قرارات، وهو ما يعد إحدى سقطات زمن الاتحاد السوفييتي حيث كان الخطأ يتسبب في عواقب جسيمة قد تقود الى " سيبيريا".
كما أنك سوف تقابل قيمة أخرى راسخة في العقلية الروسية، وهي أنه طالما لم يصرح له بفعل شيئ ما ، فهذا يعني أنه محظور.
كما أن الروسي لا يخشى أن يصرح لك بالأمور التي تثير قلقه، حتى وإن أشعرك ذلك بالارتباك.
حاول أن تقدّر هذه الصراحة وأن لا تنزعج منها.وكما هو شأنك حال التعامل مع أي شخص غاضب، حاول أن تزحزحه عن الموقف بالتركيز على المصالح المشتركة التي تجمع بينكما.
إن المفاوض الروسي يركز على مصلحته الشخصية، أي أنه لا يسعى الى الحصول على مكسب للطرفين.
.لا تعتقد أن مشاركتك للروس في تناول المشروبات ، وأن تلك الأحضان الدافئة التي تحيط بك في كل مكان تعني أن هناك علاقة وطيدة قد باتت تجمع بينكم.
إن قال الروسي عن أحد الأمور أنه لا يبدو مناسبا، فهذا يعني أنه مستحيل التنفيذ.
الشرق الأوسط:
يجب أن تنبه الى الاختلافات العرقية عند إجراء مفاوضات في الشرق الأوسط.
إن أول ما يجب أن تأخذه في اعتبارك حال تعاملك معهم هو أن لا تشير إليهم بوصفهم " عرباً" مالم يكونوا من
سكان شبه الجزيرة العربية، التي تضم العراق والأردن ودول الخليج العربي. أما المصريون واللبنانيون والمغاربة
فهم لا يحبون أن تطلق عليهم اسم العرب، كما أن الإيرانيون سوف يريعهم ذلك.
( مع اعتراضى على هذا الكلام الا انه راى الكاتب وجب نقله كما هو )
سكان شبه الجزيرة العربية، التي تضم العراق والأردن ودول الخليج العربي. أما المصريون واللبنانيون والمغاربة
فهم لا يحبون أن تطلق عليهم اسم العرب، كما أن الإيرانيون سوف يريعهم ذلك.
( مع اعتراضى على هذا الكلام الا انه راى الكاتب وجب نقله كما هو )
يجب أن تتوقع قضاء وقت طويل ، ربما أيام طويلة في التعرف على الشخص الذي تسعى للتعامل معه الى أن يشعر بالارتياح عند التفاوض معك.
حين يقوم أي شخص من الشرق الأوسط بالتوقيع على عقد، فهذا يعني من وجهة نظره بداية التفاوض وليس نهايتها. أي انه يوقع العقد أولا ثم يشرع في التفاوض.
وقد أدرك الأمريكيين الذين يتعاملون في الشرق الأوسط هذا الأمر ،حتى أنهم أطلقوا عليهم اسم" جامعي العقود".
إن إدراكك لهذه الحقيقة يعد من الأمور الهامة،كما أنك يجب أن لا تنظر إليها بوصفها انحرافا، وإنما هي ببساطة طريقة مختلفة في التعامل.
إن العقد بالنسبة لهم تقل قيمته عن أي خطاب وفاق بالنسبة للأمريكان.
لا تنزعج إن تأخر أحدهم عن الموعد المحدد، أو ربما لم يأت على الإطلاق. لأن المواعيد لا تشكل لهم مثل هذه الأهمية التي يستشعرها الأوروبيون والأمريكان.كما أن الوقت بصفة عامة لا يحظى بنفس الدرجة التي يوليها له الأوروبيون .
سوف تغرق في بحر من الترحاب والهدايا حال تفاوضك معهم، وهي محاولة مكشوفة لكسبك، ويجب أن تعرف كيف تتعامل مع هذا الأسلوب.
أما أفضل طريقة لمواجهة هذا الأسلوب فهي التعامل بالمثل بدلا من تكبّد عناء تلك المشاعر العدائية التي سوف تثيرها برفضك لهذه الخدمات.أما المبادلة فسوف تجنبك أية مسؤولية شخصية ، كما أنها سوف تضاعف من شعورك بالاستمتاع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق