شاركنا هنا

النوبة اليوم



أربعون عاما مضت مع ذكريات مؤلمة . أربعون عاما لم تكن مجرد ذكرى ولا مجرد رقم يطوي في المفكرة . أربعون عاما مضت والنوبة مازالت كما هي ، نوبية بشعبها وارضها ومياها وسماءها ، نوبية بماضيها بحاضرها بمستقبلها . هل يا ترى ينسى النوبيون يوم 15 يوليو عام 1964؟ هذا اليوم المشؤوم الذي يقاومونه بجميع الاساليب في حياتهم اليومية!. بقي هذا اليوم يوما تاريخيا في ذاكرة الشعب النوبي .. انه يوم تاريخي يفصل بين تاريخين، تاريخ ما قبله وتاريخ مابعده.. أربعون عاما مضت ونحن نقارع أصحاب العقول التي أبت أن تتطور لفهم معنى تاريخ شعب وحضارة . 

حاليا ينقسم أبناء النوبة بين مصر والسودان. هؤلاء الأبناء حفظ لهم التاريخ صفحات مجد ناصعة في كافة الحقول، وبذات ‏الوقت سجل مآسيهم ونكباتهم التي حلت بهم عبر مراحل التاريخ المختلفة. فهم أحفاد أولئك العظام الذين شيدوا ممالك كوش ومروى ونبته العظيمة قبل الميلاد وبعده، وساهموا ‏في إرسال الحضارة الإنسانية، كما واشتركوا عبر آلاف السنين بعبادة واحدة ولغة واحدة ‏وتقاسموا الفنون والمشاعر المشتركة. نعم النوبيون هم أحفاد فراعنة النوبة العظام "بعانخى وكشتا وتهارقا" الذين ملأوا التاريخ مجدا وعطاءً . ومنذ أن دار الزمن دورته ‏وتقلبت الأحوال وتوالت غزوات الطامعين لأرضهم المعطاء أدار الزمن لهم ظهره. 

أهمل نظام ناصر متابعة قضايا الإنسان النوبي في غربته القسرية، وليس هذا بمستغرب لأنه هو السبب الذي دفع بالمجتمع النوبي إلى محارق الغربة وسبلها المميتة وعذابات البقاء في مجتمعات غريبة تاريخياً وحضارياً. النظام الناصري تعامل مع المواطن النوبي انطلاقا من مصالحه الخاصة وليس من مصالح الوطن المصري. فكانت ومازال النوبة الى الآن ورقة لعب بأبعادها السياسية والأجتماعية في داخل تلك المناطق الجبلية النائية "بكوم أمبو" .. وفي كثير من الأحيان تغافلوا عن تطبيق قوانين حقوق الإنسان، لأنهم أصلاً لم يهتموا بحقوق المواطن، فأبقوا النوبيين في غربة المنفى الاضطراري يذوقوا الأمرّين . ومئات الألوف من النوبيين اليوم في وضع مهين من سياسة تعمد الإهمال المستمرة وسوء الرعاية خاصة الرعاية الصحية، وهي سياسة دأبت على استخدامها السلطات المصرية منتهكة بذلك كافة القوانين والأعراف الدولية بطريقة لا تلغي حقوقهم حسب، بل تضعهم في مآزق مستجدة دوما حتى يهدموا منظومة الشخصية النوبية من أساسها. المشكلة مركبة معقدة بدأت بالتطهير العرقى ثم تعمد محو الثقافة النوبية الخاصة، بمحو اسم النوبة من المنطقة ومن مناهج التعليم ومن وسائل الإعلام. ولا ننسى أنه لولا إصرار وضع اسم متحف النوبة من قِبل هيئة اليونسكو لتم حذف اسم النوبة من المتحف ووضع مسمى (متحف جنوب الوادي أو متحف أسوان). وضع النوبيين الآن وضع كارثي . تمزق المجتمع النوبي تحت ضربات التهجيرات الأربعة وإرسال غيرهم ليستوطنوا مكانهم.
 
التخبط الواضح فى السياسة المصرية كلها، قد أدت إلى حالة عدم الإستقرار الإقتصادى، وفساد سياسي، ومن مستوى فني هابط في كل أجهزة الاعلام ومنابر النشر، وخمول ثقافى وتطرف دينى وعرقى ، وانزواء لدور مصر فى المنطقة والعالم. وذلك ما يدعو إلى التأكيد على ضرورة وحتمية التغيير الحقيقى والإصلاح الفعلى، ولن يتأتى هذا التغيير إلا بعدة تغييرات جذرية. أما بخصوص الإنسان النوبي في المنفى فهو في جميع الأحوال الطرف الأسوأ حالا في المعادلة. 

ما المطلوب في الظرف القائم؟ سؤال يضغط علينا جميعا.
الحل في أولياته يتطلب احترام قوانين حقوق الإنسان والمواثيق والأعراف الدولية التي تحرم الاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم. فإن حقوق الإنسان قد جاءت لتنصب نفسها لكل فرد في كل مجتمع مهما كان جنسه أو لونه أو دينه أو طبقته. ولعل المجتمع الدولي يحتاج إلى وقفة جريئة وشجاعة لوقف هذه الممارسات المتكررة ولوضع حد لمعاناة الشعب النوبي المستمرة على مدار عشرات السنوات ومن ثم فلابد من تشكيل لجنة دولية متخصصة تلتقي ممثلي الجاليات النوبية والتجمعات النوبية في الداخل وترى تصوراتهم وتقرأ الحلول المقترحة منهم لأنهم أصحاب القضية وهم الذين عانوا والحياة حياتهم ولن يعوضهم عن المفقود من وجودهم البشري أحد من الأطراف التي تتخذ بحقهم القرارات. كما ينبغي مناشدة الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية ومنتدى المنظمات غير الحكومية والدول المعنية التفاوض بالخصوص من منطلق تلك الحقوق التي استلبت طويلا، وعلى المنظمات النوبية استخدام الأوراق المتاحة سواء من خلال قناة المنظمات الإنسانية للأمم المتحدة أم من خلال العلاقات الجديدة ، واستنادا إلى السياسة الجديدة للمنظمات النوبية المستقلة من تعزيز همة وقدرة الإنسان النوبي في زمن البؤس والشقاء. 

وبمناقشة الإشكالية سيجد الإنسان النوبي أنه من الضروري وضع قراءة وطنية خاصة ووضع الآليات المناسبة لمتابعة الحل الموضوعي الذي يضمن أفضل الاستجابات لمصالح النوبيين في الداخل والخارج، وسرعة تشكيل الهيئات السياسية بخاصة في البلدان التي تعترف بحقوق الإنسان وتتعاطى معها أمر حيوي ومهم لدعم القضية النوبية ... المقولة المعروفة حاليا بين النوبيين هي حق العودة للاجئين النوبيين "إلى النوبة التاريخية" وبأبعادها السياسية والتاريخية، بما بات يجعل منها في مفهوم الشرعية الحضارية والقانون الإنساني إحدى أعقد القضايا ملفا لدى النوبيين وغير النوبيين.. على أنه يمكن النظر إلى الوجهين السياسي والأخلاقي بوصفهما مفتاحي الحقائق الأساسية في هذه القضية، من موقف ما يعرف بـ "الشرعية الحضارية" وأبعاد فهمها للصراعات المتتالية منذ عام 1964: - ومن أثر المخططات والمشاريع السلطوية في مواجهة الحقائق الغائبة لعودة اللاجئين النوبيين إلى ديارهم.. غير أن الحكومات المصرية التي تعاقبت على حكم مصر المعاصر حاولت قدر الجهد أن تغير من التركيبة الأصلية للنوبة بدفع الغرباء من الشمال للهجرة والاستيطان في توشكى النوبية وقدمت العديد من الإغراءات المادية للمستجلبين الجدد، وقد أطلق سكان الأصليين على هؤلاء اسم " جماعة الإغراءات " كناية على ما يتقاضاه هؤلاء من الحكومة من مبالغ خيالية.
وقد مارست الحكومات المصرية المتعاقبة سياسة التعريب بدرجات متفاوتة ضد أبناء النوبة ولكن اشد درجاتها حدثت في عهد نظام ناصر. ان سياسة التعريب بالاضافة لكونها جريمة لما تحويه من جريمة التطهير العرقي والقضاء على الاجناس والقوميات الاخرى . فضلا عن النتائج الكارثية التي تنجم عن القيود على التملك والأجبارعلى تغيير الهوية التي تقوم به الآن حكومات غير ديموقراطية في المنطقة.. وقد أدان مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية التى أنعقدت في 28/08/2001 بمدينة ديربان (جنوب أفريقيا) بمشاركة ممثلي 153 الدول التى تمارس التفرقة العنصرية كجريمة ضد الإنسانية. فمن المؤكد أن كافة الممارسات العنصرية ضد أبناء النوبة ما هي إلا إعادة مكننة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا من جديد، لكن هذه المرة على أرض النوبة التاريخية، مع اختلافات في التفصيلات البسيطة. وقد تنجم عن هذه الممارسات اللاإنسانية من تطوير فلسفة عنصرية خطيرة مماثلة للآبارتهايد، والمعروفة بالفلسفة المتعالية، لكن الحقيقة الأكثر وضوحا هي أن السلطة لم تدركها على ما يبدو بعد، وهي حقيقة زوال نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ولم تدرك السلطة بعد أن الإجراءات العنصرية وسياسة الاذابة عادة ما تولد قوة حركية مؤثرة للرد على هذه الإجراءات، وتكون مسنودة بحالة تعاطف إنساني عارم وغير محدود.. العنصرية من أخطر القضايا التي تواجه النوبيين وتهدد كيانهم وهويتهم ورفض العنصرية لا يقتصر على أبناء النوبة وحدهم فالإنسانية كلها ترفضها أيضا.
إن تقديم التصور النوبى اليوم سيتيح للنوبيين حالة من الاستقرار النفسي أمام ما يدور حول أوضاعهم .. وهو ما سينعكس كذلك مستقبلا على حالة التفاعل بين هؤلاء والسلطة السياسية مثلما يفتح القنوات النوبية للحوار منذ الآن بصدد نوع الحل الذي ستستقر عليه الأوضاع. والتصور المعني يجب أن يكون بمعنى يقدم بيد الأمم المتحدة من جهة وبيد الدول التي تعترف بحقوق الإنسان من جهة أخرى. إن التخطيط الإستراتيجي للمسألة النوبية ضرورة أكثر من ملحة لما للإشكالية من مردودات عميقة الأثر في الوضع العلاقي العام، إذ في الوقت الذي نعالج مشكلة نوقع أنفسنا بمجابهة عدة مشاكل ، وخاصة مشكلة التطهير العرقي الشامل.. وبغير دراسة موضوعية كافية تغطي نواحي العقدة التي تركها لنا نظام الدمار والخراب.. فلا مناص من التعاطي معها اليوم قبل أن تأتي إلينا بصيغ مختلفة سلبية الصورة إذا أهملناها اليوم.. وقد ركز بعض الدارسين الغربيين المعنيين بالتاريخ النوبي مساحات مهمة من البحوث ذات العلاقة بالتكونات الأولى للحضارات الإنسانية حيث تتصدر النوبة قائمة التأسيسات الأولى للحياة الإنسانية والطبيعية، بينما أغفل الباحثون فى مصر بتأويلاتهم المتعارضة إلى حد كبير حضارة وتاريخ المجتمعات النوبية. ولماذا؟ المتابعون للشأن النوبي يستطيعون ملء الفراغ.. وما أن ننتقل إلى الهوية النوبية وإشكالات البحث في راهنها حتى تبدأ الاعتراضات التي تتخذ طابعا شوفينيا صرفا، ليحيل هذا البحث إلى دائرة الشك والاتهام، لكي يتنصل أبناء النوبة من عجينتهم الأفريقية. بعض الذين ينتسبون إلى القوميين العرب الإستعلائيين على الغير، يحاولون التفريق بين الهوية والأفرقة، وبأن الهوية تختلف عن أصل العنصر.. في الوقت الذي ينادى المستثمر الغريب من فوق أرض النوبة بأن النوبي الترانسفيرى الذى هجر من وطنه بالعنوة لا مكان له في هذه الأرض. وقديما قالوا: أن النوبة تشكل عبئا غير محتمل على أمننا القومي. وقد يفهم ذلك الآن من لم يفهم بعد. لماذا قررت السلطة إنشاء مواقع إستيطانية فيها؟
أثرت الإشارة هنا إلى بعض المقاطع لأكشف للقاريء الكريم عن مدى الحقد والكراهية الذي يكنها هؤلاء العنصريين لأبناء النوبة وعن مدى ضحالة التفكير الذي انحدر إليه مثقفوهم من غلاة القوميين المنفلتين من عقالهم والمعادين لأبناء شعبنا النوبي، بحيث صاروا يدعون جهارا نهارا إلى تطبيق سياسة التطهير العرقي بحق النوبيين.. تذكرنا سياسات التطهير العرقي بحق الألبان في كوسوفو وفي البوسنة والكثير من السياسات الناتجة عن حكم الأنظمة العنصرية والشوفينية فى العالم.. وعلى الرغم من أن 80% إلى 90% من الكتاب والصحفيين فى مصر هم معادون للنوبيين ويحقرونهم في كتاباتهم ومؤلفاتهم الأدبية والتاريخية ويتطاولون على ثقافتهم، إلا أن دعوات عنصرية بمثل هذه الصراحة والعلانية كدعوة مغادرة أبناء النوبة جميعا من ارض النوبة لم نسمع بها إلا في عهود الظلام والإنحطاط.
أخيرا : من المضحك جدا بان تجد هناك ناس يؤمنون بالوحدة الوطنية وفي نفس الوقت يريدون من النوبيين بأن يصيروا مواطنين من الدرجة الثالثة. لقد أن الأوان بأن تحددوا ماذا تريدون من مصر الغد بأن تكون؟ وستجد الإجابة بنعم. نظام ديمقراطي ودولة مؤسسات وعودة أبناء النوبة إلى الوطن الأم، هو الضمان الوحيد للحفاظ على وحدة مصر. كل من يريد بأن يحرم النوبيين من المناصب العليا في البلاد فهو بالتالي يعمل لهدم وحدة التراب المصري. لقد انتهى زمن النفاق والكذب على ناس النوبة.
[ هذا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون 

النوبة والثورة
اشترك النوبيون فى الثورة منذ اليوم الاول وسقط شهداء من النوبة فى السويس والقاهرة حتى فى مركز نصر النوبة .وبعد الثورة مباشرة ونجاحها قرر النوبيون وقيادتها تعليق مطالبهم حتى تسترد مصر عافيتها من بعد الثورة وحتى تستقر الامور اكثر ضاربيين المثل فى مراعاة مصالح الوطن وسلامة اراضيه مما دفع الكاتب الصفحى مجدى الجلاد فى المصرى اليوم الاشادة بالمثل النوبى والوطنية النوبية الخالصة ووضع مصلحة الوطن فوق اى مطالب فى الوقت الذى خرج كثير من المصريين فى مطالب فئوية  ولكن النوبيون راعوا المصلحة الوطنية رافعيين شعار مصر أولا 
ولكن انتظر النوبيون كثيرا بعد الثورة ولكن اتضح ان الامور لم تتغير ولم تتبدل فققروا الخروج فى اعتصامات 4 / 9 امام مبنى محافظة اسوان الاستمرار فى الاعتصامات حتى تستجيب حكومة شرف لمطالبهم 
ثم قرر عصام شرف تشكيل لجنة لبحث مشاكل ومطالب اهل النوبة وبحث سبل التنمية حول بحيرة ناصر . فقرر النوبييون فض الاعتصام حتى تستفر تلك اللجنة عما وصلت اليه .




 

النوبة اليوم © 2011 All rights Reserved elnoba elyoum | Template Style by Blogger | Development by Mohamed Hassn | الى الأعلى |