لا تخلو أي أسرة من مشكلات وسوء تفاهم من كلا الطرفين لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة , وقد تؤدي هذه المشكلات إلي تفكك الأسرة وانفراط عقدها , ولكن إذا تم تشخيص الداء سهل وصف الدواء .
والتفاهم بين الزوجين لاشك يؤدي إلي استقرار الحياة الزوجية واستئصال المشكلة من جذورها قبل أن تقع , لذا وجب علي الزوجين المصارحة والوضوح وإفضاء كل شريك لشريكه عما بصدره , ما يقلقه وما يزعجه وما يفرحه وما يحزنه.
هذا إن كانا يريدان للحياة أن تستقر و لسفينة الحياة أن تسير , هذا نوع من العشرة بالمعروف أن يحترم كل شريك شريكة يحترم صمته وحديثه بل و يحسن الاستماع والإصغاء لكل ما يقول ولا يسفه له رأياً . يحترم مشاعره ولا يكثر من اللوم و العتاب و النصح , فاللوم لا يأتي بنتائج ايجابية في الغالب و كثرة العتاب يحطم كبرياء النفس كما أن كثرة التجريح والتوبيخ يكسر النفس و يجعل كل شريك يفتش عن عيوب شريكة و تَصِيٌد أخطاءه.
وعلى الزوجين أن يتفقا من البداية على وضع آلية لحسم الخلاف فعدم وجود آلية للتفاهم بين الزوجين يؤدي إلى تفاقم الخلاف واشتداد التنافر , وتباعد كل منهما عن الأخر .
وهذه الآلية لابد أن تقوم علي هذه المبادئ :
1- الزوجان ليسا معصومين من الخطأ , فلا بد أن يقع من الزوج هفوات وأخطاء ، والزوجة كذلك، وكثير من الرجال لا يعترف بهفوته وزلته، ويعظم زلة زوجته ولو صغرت، والمقام ليس مقام تجريح أو تأنيب؛ وإنما هو سبيل المسامحة والملاينة ، ما دام أن الأمر ليس فيه تهاون في حق الله أو حق الزوج .
3- على الزوجين أن يضعا كل مشكلة في حجمها الحقيقي , وأن لا يضخما التافه , ولا يكبرا الصغير , وأن لا يجعلا الخلافات تتراكم بل لا بد أن يصفيا خلافهما يوما بيوم , ولا تبيت المشكلة إلى الصباح , لأنها لن تصبح مشكلة واحدة بل أكثر من مشكلة.
قال الشافعي رحمه الله :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة* * * ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمـن لا يهابنـي * * * ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتـي* * * وإن تنأ عني تلقني عنك نائيـاً
كلانا غني عـن أخيـه حياتـه * * * ونحـن إذا متنـا أشـد تغانيـا
ولست بهياب لمـن لا يهابنـي * * * ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتـي* * * وإن تنأ عني تلقني عنك نائيـاً
كلانا غني عـن أخيـه حياتـه * * * ونحـن إذا متنـا أشـد تغانيـا
4- الزوجة هي الصدر الحنون وموطن الحنان والرحمة , ومن طباع الرجل أنه لا يحب من زوجته أن ترفع صوتها عليه , فإذا ما غضب الزوج فما عليه إلا أن تسكت عنه حتى يذهب عنه غضبه ثم تناقشه بهدوء في أسباب الخلاف والسبيل إلى حله .
والزوجة العاقلة لا تعدم الوسيلة لترويض زوجها , مهما كان جموحه وجنوحه , رووا أن امرأة في إحدى القرى لأحد العلماء وهي تظنه ساحرا وطلبت منه أن يعمل لها عملا سحريا بحيث يحبها زوجها حبا لا يرى معه أحد من نساء العالم. ولأنه عالم ومرب قال لها إنك تطلبين شيئا ليس بسهل لقد طلبت شيئا عظيما فهل أنت مستعدة لتحمل التكاليف؟ قالت : نعم قال لها : إن الأمر لا يتم إلا إذا أحضرت شعرة من رقبة الأسد .قالت: الأسد ؟ قال : نعم قالت : كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أضمن أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمنا ؟ قال لها : لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلا بهذا وإذا فكرت ستجدين الطريقة المناسبة لتحقيق الهدف .ذهبت المرأة وهي تضرب أخماس بأسداس تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة فاستشارت من تثق بحكمته فقيل لها أن الأسد لا يفترس إلا إذا جاع وعليها أن تشبعه حتى تأمن شره .أخذت بالنصيحة وذهبت إلى الغابة القريبة منهم وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد واستمرت في إلقاء اللحم إلى أن ألفت الأسد وألفها مع الزمن. وفي كل مرة كانت تقترب منه قليلا إلى أن جاء اليوم الذي تمدد الأسد بجانبها وهو لا يشك في محبتها له فوضعت يدها على رأسه وأخذت تمسح بها على شعره ورقبته بكل حنان وبينما الأسد في هذا الاستمتاع والاسترخاء لم يكن من الصعب أن تأخذ المرأة الشعرة بكل هدوء وما إن أحست بتمكلها للشعرة حتى أسرعت للعالم الذي تظنه ساحرا لتعطيه إياها والفرحة تملأ نفسها بأنها الملاك الذي سيتربع على قلب زوجها وإلى الأبد. فلما رأى العالم الشعرة سألها: ماذا فعلت حتى استطعت أن تحصلي على هذه الشعرة؟ فشرحت له خطة ترويض الأسد، والتي تلخصت في معرفة المدخل لقلب الأسد أولا وهو البطن ثم الاستمرار والصبر على ذلك إلى أن يحين وقت قطف الثمرة حينها قال لها العالم : يا أمة الله . زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد افعلي مع زوجك مثل ما فعلت مع الأسد تملكيه. تعرفي على المدخل لقلبه وأشبعي جوعته تأسريه وضعي الخطة لذلك واصبري .
5- على الزوج – كذلك – أن يتفهم طبيعة المرأة من جيشان عاطفتها , وتسرعها في الحكم على الأشياء على خلاف الرجل
0 التعليقات:
إرسال تعليق