شاركنا هنا

‏إظهار الرسائل ذات التسميات شخصيات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شخصيات. إظهار كافة الرسائل

القصة الكاملة لجمال عبد الناصر





ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:

التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ ، ١٩٢٤ .

وفى عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – ١٩٢٦ – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه – كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" – ثم أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين ".

وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف ١٩٢٨ عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية


منزل جمال عبدالناصر بحى باكوس بالاسكندرية

جمال عبد الناصر فى المرحلة الثانوية:

التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – ١٩٣٠ – إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك .

وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.

ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أنى – في محاولة يائسة – ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.
وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب". (حديث عبد الناصر مع "دافيد مورجان" مندوب "صحيفة الصنداى تايمز" ١٨/٦/١٩٦٢) .
ويعود جمال عبد الناصر إلى هذه الفترة من حياته في خطاب له بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦/١٠/١٩٥٤ ليصف أحاسيسه في تلك المظاهرة وما تركته من آثار في نفسه: "حينما بدأت في الكلام اليوم في ميدان المنشية. سرح بي الخاطر إلى الماضي البعيد ... وتذكرت كفاح الإسكندرية وأنا شاب صغير وتذكرت في هذا الوقت وأنا اشترك مع أبناء الإسكندرية، وأنا أهتف لأول مرة في حياتي باسم الحرية وباسم الكرامة، وباسم مصر... أطلقت علينا طلقات الاستعمار وأعوان الاستعمار فمات من مات وجرح من جرح، ولكن خرج من بين هؤلاء الناس شاب صغير شعر بالحرية وأحس بطعم الحرية، وآلي على نفسه أن يجاهد وأن يكافح وأن يقاتل في سبيل الحرية التي كان يهتف بها ولا يعلم معناها؛ لأنه كان يشعر بها في نفسه، وكان يشعر بها في روحه وكان يشعر بها في دمه". لقد كانت تلك الفترة بالإسكندرية مرحلة تحول في حياة الطالب جمال من متظاهر إلى ثائر تأثر بحالة الغليان التي كانت تعانى منها مصر بسبب تحكم الاستعمار وإلغاء الدستور. وقد ضاق المسئولون بالمدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة.

وقد التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٣٣ بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.
وفى تلك الفترة ظهر شغفه بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير" وكتب مقالة بعنوان "فولتير رجل الحرية" نشرها بمجلة المدرسة. كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى" وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هيوجو" وقصة مدينتين لـ "شارلز ديكنز".(الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية). (الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية).

كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجباً بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وقرأ عن سيرة النبي محمد وعن أبطال الإسلام وكذلك عن مصطفى كامل، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم خصوصاً رواية عودة الروح التي تتحدث عن ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم ودفعهم نحو النضال في سبيل الحرية والبعث الوطني

وفى ١٩٣٥ في حفل مدرسة النهضة الثانوية لعب الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير" في حضور وزير المعارف في ذلك الوقت.


عبد الناصر اثناء دراسته فى مدرسة حلوان الثانوية

وقد شهد عام ١٩٣٥ نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التي لعب فيها الطلبة الدور الأساسي مطالبين بعودة الدستور والاستقلال، ويكشف خطاب من جمال عبد الناصر إلى صديقه حسن النشار في ٤ سبتمبر ١٩٣٥ مكنون نفسه في هذه الفترة، فيقول: "لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة واستقبلنا غبار الموت، فأين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية... قال مصطفى كامل ' لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ' ... كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور. ولكن كل ذلك لم يدخل في حيز العمل إلى الآن".(خطاب عبد الناصر لحسن النشار...
٤/٩/١٩٣٥).

ووبعد ذلك بشهرين وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال في البلاد، وقاد جمال عبد الناصر في ١٣ نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزي فأصيب جمال بجرح في جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى. (مجلة الجهاد ١٩٣٥). 

وعن آثار أحداث تلك الفترة في نفسية جمال عبد الناصر قال في كلمة له في جامعة القاهرة في ١٥ نوفمبر ١٩٥٢: "وقد تركت إصابتي أثراً عزيزاً لا يزال يعلو وجهي فيذكرني كل يوم بالواجب الوطني الملقى على كاهلي كفرد من أبناء هذا الوطن العزيز. وفى هذا اليوم وقع صريع الظلم والاحتلال المرحوم عبد المجيد مرسى فأنساني ما أنا مصاب به، ورسخ في نفسي أن على واجباً أفنى في سبيله أو أكون أحد العاملين في تحقيقه حتى يتحقق؛ وهذا الواجب هو تحرير الوطن من الاستعمار، وتحقيق سيادة الشعب. وتوالى بعد ذلك سقوط الشهداء صرعى؛ فازداد إيماني بالعمل على تحقيق حرية مصر".

وتحت الضغط الشعبي وخاصة من جانب الطلبة والعمال صدر مرسوم ملكي في ١٢ ديسمبر ١٩٣٥ بعودة دستور ١٩٢٣.
وقد انضم جمال عبد الناصر في هذا الوقت إلى وفود الطلبة التي كانت تسعى إلى بيوت الزعماء تطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر، وقد تألفت الجبهة الوطنية سنة ١٩٣٦ بالفعل على أثر هذه الجهود.

وقد كتب جمال في فترة الفوران هذه خطاباً إلى حسن النشار في ٢ سبتمبر ١٩٣٥ قال فيه: "يقول الله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، فأين تلك القوة التي نستعد بها لهم؛ إن الموقف اليوم دقيق ومصر في موقف أدق...".
ووصف جمال عبد الناصر شعوره في كتاب "فلسفة الثورة" فقال: "وفى تلك الأيام قدت مظاهرة في مدرسة النهضة، وصرخت من أعماقي بطلب الاستقلال التام، وصرخ ورائي كثيرون، ولكن صراخنا ضاع هباء وبددته الرياح أصداء واهية لا تحرك الجبال ولا تحطم الصخور".

إلا أن اتحاد الزعماء السياسيين على كلمة واحدة كان فجيعة لإيمان جمال عبد الناصر، على حد تعبيره في كتاب "فلسفة الثورة"، فإن الكلمة الواحدة التي اجتمعوا عليها كانت معاهدة ١٩٣٦ التي قننت الاحتلال، فنصت على أن تبقى في مصر قواعد عسكرية لحماية وادي النيل وقناة السويس من أي اعتداء، وفى حال وقوع حرب تكون الأراضي المصرية بموانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها تحت تصرف بريطانيا، كما نصت المعاهدة على بقاء الحكم الثنائي في السودان.

وكان من نتيجة النشاط السياسي المكثف لجمال عبد الناصر في هذه الفترة الذي رصدته تقارير البوليس أن قررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريضه الطلبة على الثورة، إلا أن زملائه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة في قراره.

ومنذ المظاهرة الأولى التي اشترك فيها جمال عبد الناصر بالإسكندرية شغلت السياسة كل وقته، وتجول بين التيارات السياسية التي كانت موجودة في هذا الوقت فانضم إلى مصر الفتاة لمدى عامين، ثم انصرف عنها بعد أن اكتشف أنها لا تحقق شيئاً، كما كانت له اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين إلا أنه قد عزف عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أياً منها ،"فلم يكن هناك حزب مثالي يضم جميع العناصر لتحقيق الأهداف الوطنية".

كذلك فإنه وهو طالب في المرحلة الثانوية بدأ الوعي العربي يتسلل إلى تفكيره، فكان يخرج مع زملائه كل عام في الثاني من شهر نوفمبر احتجاجاً على وعد "بلفور" الذي منحت به بريطانيا لليهود وطناً في فلسطين على حساب أصحابه الشرعيين.

 جمال عبد الناصر ضابطاً: 

لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.

تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.


عبد الناصر وهو فى طالب فى الكلية الحربية بعد ان انتقل اليها من كلية الحقوق

ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.

لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً"، وفعلاً أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.
وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩.(الكتب التى كان يقرأها عبد الناصر فى الكلية الحربية).
التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.

وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول


الملازم جمال عبدالناصر

لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط "عديمي الكفاءة وفاسدين"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: "على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال
شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن.. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم.. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم.. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار.. يقولون.. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا.. والويل كل الويل لذلك... الذي تأبى نفسه السير على منوالهم... ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً.. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار...". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار..١٩٤١ ... ينشر لأول مرة)
وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.

ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة".

وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني – "السير مايلز لامسبون" – ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية، وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع، وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط.

ويذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً، فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك، والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً، وكنت على وشك الانفجار من الغيظ، ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات.

أما نحن. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه، فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة
وأصبحت تراهم وكلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – ويردوا للبلاد كرامتها ويغسلوها بالدماء.. ولكن إن غداً لقريب.. حاول البعض بعد الحادث أن يعملوا شئ بغرض الانتقام، لكن كان الوقت قد فات أما القلوب فكلها نار وأسى. عموماً فإن هذه الحركة أو هذه الطعنة ردت الروح إلى بعض الأجساد وعرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها، وكان هذا درساً ولكنه كان درساً قاسياً". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار... ١٦/٢/١٩٤٢).


عبد الناصر مع الحامية المصرية بالسودان

ررقى جمال عبد الناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) في ٩ سبتمبر ١٩٤٢. وفى ٧ فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية. ومن قائمة مطالعاته في هذه الفترة يتضح أنه قرأ لكبار المؤلفين العسكريين من أمثال "ليدل هارت" و"كلاوزفيتز"، كما قرأ مؤلفات الساسة والكتاب السياسيين مثل "كرومويل" و"تشرشل". وفى هذه الفترة كان جمال عبد الناصر يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب.

وفى ٢٩ يونيه ١٩٤٤ تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في ١٩٥١، ١٩٥٢.

 تنظيم الضباط الأحرار:

شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة".

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وفى اليوم التالي ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذي كان لاجئاً يقيم في مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت في طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك في الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين في ١٦ مايو ١٩٤٨، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) في أوائل عام ١٩٤٨.

لقد كان لتجربة حرب فلسطين آثاراً بعيدة على جمال عبد الناصر فعلى حد قولة: "فلم يكن هناك تنسيق بين الجيوش العربية، وكان عمل القيادة على أعلى مستوى في حكم المعدوم، وتبين أن أسلحتنا في كثير من الحالات أسلحة فاسدة، وفى أوج القتال صدرت الأوامر لسلاح المهندسين ببناء شاليه للاستجمام في غزه للملك فاروق.

وقد بدا أن القيادة العليا كانت مهمتها شيئاً واحداً هو احتلال أوسع رقعة ممكنة من الأرض بغض النظر عن قيمتها الإستراتيجية، وبغض النظر عما إذا كانت تضعف مركزنا العام في القدرة على إلحاق الهزيمة بالعدو خلال المعركة أم لا.
وقد كنت شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات أو محاربي المكاتب الذين لم تكن لديهم أية فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين.

وجاءت القطرة الأخيرة التي طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن أقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التي كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن أبدأ في التحرك نشرت تحركاتنا كاملة في صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذي عشت معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة " في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.




جمال عبدالناصر
وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩.

وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هي في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش.
وقد أصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.
ووقد كان في نية جمال عبد الناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن الحوادث أملت عليه قرار القيام بالثورة قبل ذلك بكثير.

وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً في كلية أركان حرب التي كان قد نجح في امتحانها بتفوق في ١٢ مايو ١٩٤٨. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وجمال سالم، وهى اللجنة التي أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام ١٩٥٠، ١٩٥١.

وفى ٨ مايو ١٩٥١ رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً في حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.

وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدئوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا في خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هي الأولى والأخيرة التي اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثوري إيجابي.

ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً. والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد.

ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق، والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى، وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً.

وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥، وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها .

وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر.


حريق القاهرة

بيان الثورة:

وفى صباح يوم ٢٣ يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة تمت إذاعة بيان الثورة التالي:
"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفى خُلقهم وفى وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولى التوفيق".

وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أي في ٢٦ يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.(قرار المجلس بإلغاء الملكية) .

 تعيين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة:

وفى فبراير ١٩٥٤ استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. وفيما يلي البيان الذي أذاعه المجلس بأسباب ذلك الخلاف في ٢٥ فبراير ١٩٥٤:


الرئيس جمال عبدالناصر

"أيها المواطنون
"لم يكن هدف الثورة التي حمل لواءها الجيش يوم ٢٣ يوليه سنة ١٩٥٢ أن يصل فرد أو أفراد إلى حكم أو سلطان أو أن يحصل كائن من كان على مغنم أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المُثل العليا في البلاد بعد أن افتقدتها طويلاً نتيجة لعهود الفساد والانحلال.
لقد قامت في وجه الثورة منذ اللحظة الأولى عقبات قاسية عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها واطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.
ولا شك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم في وجه الثورة من صعاب، خاصة والبلاد ترزح تحت احتلال المستعمر الغاصب لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة في خلال هذه الفترة غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.
ومما زاد منذ اللحظة الأولى في قسوة وخطورة هذه التبعة الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة أنهم كانوا قد قرروا وقت تدبيرهم وتحضيرهم للثورة في الخفاء قبل قيامهم أن يقدموا للشعب قائداً للثورة من غير أعضاء مجلس قيادتهم وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً فيما بينهم اللواء أركان حرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.
وقد أخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار قبل قيام الثورة بشهرين اثنين ووافق على ذلك.
وما أن علم سيادته بقيام الثورة عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية فى ذلك الوقت السيد مرتضى المراغى وبينه وفى منزله حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة واجتمع برجالها فور تسلمهم لزمام الأمور.
ومنذ تلك اللحظة أصبح الموقف دقيقاً؛ إذ أن أعمال ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت أكثر من شهر بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب إذ أنه حتى ذلك الوقت وعلى وجه التحديد يوم ٢٥ أغسطس سنة ١٩٥٢ لم يكن سيادته قد ضم إلى أعضاء مجلس الثورة.
وقد صدر قرار المجلس فى ذلك اليوم بضمه لعضويته كما صدر قرار بأن تسند إليه رئاسة المجلس بعد أن تنازل له عنها البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر الذى جدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة كرئيس للمجلس لمدة عام ينتهى فى أخر أكتوبر سنة ١٩٥٢.
نتيجة لذلك الموقف الشاذ ظل اللواء محمد نجيب يعانى أزمة نفسية عانينا منها الكثير رغم قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع بمظهر الرئيس الفعلى والقائد الحقيقى للثورة ومجلسها مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.
وبعد أقل من ستة شهور بدأ سيادته يطلب بين وقت وآخر من المجلس منحه سلطات تفوق سلطة العضو العادى بالمجلس، ولم يقبل المجلس مطلقاً أن يحيد عن لائحته التى وضعت قبل الثورة بسنين طويلة إذ تقضى بمساواة كافة الأعضاء بما فيهم الرئيس فى السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها بين فريقين فى المجلس فترجح الكفة التى يقف الرئيس بجانبها.
ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء ورئاسته للمؤتمر المشترك إلا أنه لم ينفك يصر ويطلب بين وقت وأخر أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلى لكى نكفل أقصى الضمانات لتوزيع سلطة السيادة فى الدولة على أعضاء المجلس مجتمعين.

وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهى:

أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أى قرار يجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أى قرار يوافق عليه أغلبية الأعضاء.
كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء وعزلهم وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم؛ أى أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.
ولقد حاولنا بكافة الطرق الممكنة طوال الشهور العشرة الماضية أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه التى تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا، ولكننا عجزنا عن إقناعه عجزاً تاماً وتوالت اعتكافاته بين وقت وأخر حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة أمام أمر واقع مقدماً استقالته وهو يعلم أن أى شقاق يحدث فى المجلس فى مثل هذه الظروف لا تؤمن عواقبه.

أيها المواطنون

لقد احتمل أعضاء المجلس هذا الضغط المستمر فى وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التى تواجه البلاد والتى ورثتها عن العهود البائدة.
يحدث كل ذلك والبلاد تكافح كفاح المستميت ضد مغتصب فى مصر والسودان وضد عدو غادر يرابط على حدودها مع خوضها معركة اقتصادية مريرة وإصلاحاً لأداة الحكم وزيادة الإنتاج إلى أخر تلك المعارك التى خاضتها الثورة ووطدت أقدامها بقوة فى أكثر من ميدان من ميادينها.

واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلى:

أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التى يشغلها.
ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.
ثالثاً: تعيين البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس الوزراء.
ونعود فنكرر أن تلك الثورة ستستمر حريصة على مُثلها العليا مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".
وسرعان ما تم تدارك مظاهر ذلك الخلاف فقبل مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب إلى رئاسة الجمهورية في بيان صدر في ٢٧ فبراير ١٩٥٤.
ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التي دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التي أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها في ١٤ يناير ١٩٥٤، (قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين) وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم في هذه الأحداث

ووقد تجلى الصراع داخل مجلس قيادة الثورة في هذه الفترة في القرارات التي صدرت عنه وفيها تراجعاً عن المضى في الثورة، فأولاً ألغيت الفترة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات، وتقرر في ٥ مارس ١٩٥٤ اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليه ١٩٥٤ وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفى نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.

وثانياً: قرر مجلس قيادة الثورة تعيين محمد نجيب رئيساً للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.
وأخيراً قرر مجلس قيادة الثورة في ٢٥ مارس ١٩٥٤ السماح بقيام الأحزاب وحل مجلس قيادة الثورة يوم ٢٤ يوليه ١٩٥٤ أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. (قرار المجلس بالسماح بقيام أحزاب).

وبالرغم من إلغاء مجلس قيادة الثورة لتلك القرارات في ٢٩ مارس ١٩٥٤ (قرار المجلس بإرجاء تنفيذ قرارات ٢٥ مارس ١٩٥٤) إلا أن الأزمة التي حدثت في مجلس قيادة الثورة أحدثت انقساماً داخله بين محمد نجيب يؤيده خالد محيى الدين وبين جمال عبد الناصر وباقي الأعضاء.

وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.
وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.
وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ ـ أول دستور للثورة.

وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.
وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.

 إنجازات جمال عبد الناصر 

وافق على مطلب السوريين بالوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة، والتي لم تستمر أكثر من ثلاث سنين تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961) وسط مؤامرات دولية وعربية لإجهاضها.
استجاب لدعوة العراق لتحقيق أضخم إنجاز وحدوي مع العراق وسوريا بعد تولي الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية العراقية بما يسمى باتفاق 16 أبريل 1964.
قام بتأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي على نهر النيل.
تأسيسه منظمة عدم الانحياز مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو والإندونيسي سوكارنو والهندي نهرو.
تأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر.
قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية والتي بموجبها صار فلاحو مصر يمتلكون للمرة الأولى الأرض التي يفلحونها ويعملون عليها وتم تحديد ملكيات الاقطاعيين بمئتي فدان فقط.
إنشاء التليفزيون المصري (1960)
قوانين يوليو الاشتراكية (1961)
إبرام اتفاقية الجلاء مع بريطانيا العام 1954، والتي بموجبها تم جلاء آخر جندي بريطاني عن قناة السويس ومصر كلها في الثامن عشر من يونيو 1956.
بناء إستاد القاهرة الرياضي بمدينة نصر(ستاد ناصر سابقاً).
إنشاء كورنيش النيل.
إنشاء معرض القاهرة الدولي للكتاب.
التوسع في التعليم المجاني على كل المراحل.
التوسع المطرد في مجال الصناعات التحويلية.
إنشاءالتنظيم الطليعي

جمال عبدالناصر

مساندته للحركات الثورية في الوطن العربى


واعتبر الرئيس ناصر من أبرز الزعماء دة للحركات الثورية في المنادين بالوحدة العربية وهذا هو الشعور السائد يومذاك بين معظم الشعوب العربية. في كان "مؤتمر باندونج" سنة 1955 نقطة انطلاق عبدالناصر إلى العالم الخارجي.
دعم الرئيس عبد الناصر القضية الفلسطينية وساهم شخصيا في حرب سنة 1948 وجرح فيها. وعند توليه الرئاسة اعتبر القضية الفلسطينية من أولوياته لأسباب عديدة منها مبدئية ومنها إستراتيجية تتعلق بكون قيام دولة معادية على حدود مصر سيسبب خرقا للأمن الوطني المصري. كما أن قيام دولة إسرائيل في موقعها في فلسطين يسبب قطع خطوط الاتصال التجاري والجماهيري مع المحيط العربي خصوصا الكتلتين المؤثرتين الشام والعراق لذلك كان يرى قيام وحدة إما مع العراق أو سوريا أو مع كليهما.
وكان لعبد الناصر دور بارز في مساندة ثورة الجزائر وتبني قضية تحرير الشعب الجزائري في المحافل الدولية، وسعى كذلك إلى تحقيق الوحدة العربية؛ فكانت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وقد تولى هو رئاستها بعد أن تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي له عن الحكم، إلا أنها لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات.
كما ساند عبد الناصر الثورة العسكرية التي قام بها ثوار الجيش بزعامة المشير عبد الله السلال في اليمن بسنة 1962 ضد الحكم الإمامي الملكي حيث أرسل عبد الناصر نحو 70 ألف جندي مصري إلى اليمن لمقاومة النظام الملكي الذي لقي دعما من المملكة العربية السعودية. كما أيد حركة تموز 1958 الثورية في العراق التي قادها الجيش العراقي بمؤازرة القوى السياسية المؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني للاطاحة بالحكم الملكي في 14 تموز 1958.


يقول د. علي الجربتلي المنتمي إلى المدرسة الليبرالية في الاقتصاد: "في عهد عبد الناصر، قامت الثورة باستصلاح 920 الف فدان، وتحويل نصف مليون فدان من ري الحياض إلى الري الدائم". ما يصل بنا إلى مساحة مليون وأربعمائة ألف فدان.
عبد الناصر يخطب في الجماهير في حمص, 1961يضيف د. جربتلي "فيما يتعلق بالقطاع الصناعي، حدث تغيير جذري في الدخل والإنتاج القومي، فقد زادت قيمة الإنتاج الصناعي بالاسعار الجارية من 314 مليون جنيه سنة 1952 إلى 1140 مليون جنيه سنة 1965 ووصلت إلى 1635 مليون سنة 1970 وزادت قيمة البترول من 34 مليون جنيه سنة 1952 إلى 133 مليون سنة 1970، ناهيك عن وفرة الطاقة الكهربائية، خصوصا بعد بناء السد العالي" أما د. إسماعيل صبري عبد الله الذي تولى وزارة التخطيط الاقتصادي في عهد السادات فيقول "أن الإنتاج الصناعي كان لا يزيد عن 282 مليون جنيه سنة 1952 وبلغ 2424 مليون جنيه سنة 1970, مسجلا نموا بمعدل 11.4% سنويا، ووصلت مساهمته في الدخل القومي إلى 22% سنة 1970 مقابل 9% سنة 1952,ووفرت الدولة طاقة كهربائية ضخمة ورخيصة، وزاد الإنتاج من 991 مليون كيلو وات/ساعة إلى 8113 مليون كيلو وات/ساعة." ويقول د. صبري "إن الثورة جاوزت نسبة 75% في الاستيعاب لمرحلة التعليم الالزامي، وارتفع عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من 1.6 مليون إلى 3.8 مليون، وعدد تلاميذ المدارس الاعدادية والثانوية من 250 الف إلى 1.500.000 وعدد طلاب الجامعات من 40 الف إلى 213 الف".

الأتجاه نحو التصنيع

شهدت مصر في الفترة من مطلع الستينيات إلى ما قبل النكسة نهضة اقتصادية وصناعية كبيرة، بعد أن بدأت الدولة اتجاها جديدا نحو السيطرة على مصادر الإنتاج ووسائله، من خلال التوسع في تأميم البنوك والشركات والمصانع الكبرى، وإنشاء عدد من المشروعات الصناعية الضخمة، وقد اهتم عبد الناصر بإنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب، وتوَّج ذلك كله ببناء السد العالي الذي يُعد أهم وأعظم إنجازاته على الإطلاق؛ حيث حمى مصر من أخطار الفيضانات، كما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى

جمال عبدالناصر
 حقائق مهمة عن جمال عبد الناصر
جلاء القوات البريطانيا عن مصر في 19 أكتوبر 1954،

تعرض لمحاولة اغتيال في 26 أكتوبر1954م. عندما كان يلقي خطبة جماهيرية في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية الساحلية في احتفال أقيم تكريماً له ولزملائه بمناسبة اتفاقية الجلاء، حيث ألقيت عليه ثمان رصاصات لم تصبه أيا منها لكنها أصابت الوزير السوداني "ميرغني حمزة" وسكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية "أحمد بدر" الذي كان يقف إلى جانب جمال عبد الناصر، وألقي القبض علي مطلق الرصاص، الذي تبين لاحقا أنه ينتمي الي تنظيم الاخوان المسلمين.، و تقول بعض المصادر أن تلك المحاولة كانت مدبرة من النظام لإيجاد سبب وجيه لوقف نشاط جماعة الإخوان والقضاء عليها.

ما لبث أن اصطدم بجميع الناشطين السياسيين وعلى رأسهم الشيوعيون وجماعة الإخوان المسلمين، والأخيرة التي صدر قرار في 13 يناير 1954 يقضي بحلها وحظر نشاطها. ] وألقت الدولة المصرية آنذاك القبض علي الآلاف من أعضاء تلك الجماعات، وأجريت لهم محاكمات عسكرية وحكم بالإعدام على عدد منهم. وامتدت المواجهات إلى النقابات المختلفة؛ فقد تم حلّ مجلس نقابة المحامين في التي حلت بتاريخ 26 ديسمبر 1954، ثم تلتها نقابة الصحفيين في العام 1955. كما ألغيت الحياة النيابية والحزبية ووحدت التيارات في الاتحاد القومي عام 1959، ثم الاتحاد الاشتراكي بسنة 1962.

في 26 سبتمبر 1962 أرسل الرئيس عبد الناصر القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية، وأيدت السعودية الامام اليمني المخلوع خوفا من امتداد الثورة إليها. وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، ويقول بعض المراقبين "بان ذلك كان له أثره السيئ في استنزاف موارد مصر وإضعاف قوتها العسكرية، وكانت أبرز عواقبه الوخيمة تلك الهزيمة العسكرية الفادحة التي منيت بها القوات المسلحة في نكسة 1967".  

فى يونيو 1967 قصف سلاح الطيران الإسرائيلي جميع المطارات العسكرية لدول الطوق واستطاع تدمير سلاح الطيران المصري على الأرض، وقتل آلاف من الجنود المصريين في انسحاب الجيش غير المخطط له من سيناء والذي أصدره قائد الجيش عبد الحكيم عامر، مما أدى إلى سقوط شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان في يد إسرائيل في غضون ستة أيام

وفاة جمال عبد الناصر

 آخر مهام عبد الناصر كان الوساطة لإيقاف أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة في 26 إلى 28 سبتمبر 1970. حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت. عندما داهمته نوبة قلبية بعد ذلك، وأعلن عن وفاته في 28 سبتمبر 1970 عن عمر 52 عاما بعد 18 عاماً قضاها في رئاسة مصر، ليتولى الحكم من بعده نائبه محمد أنور السادات

صور لجمال عبد الناصر

استقبال اصحاب ومديرى مصانع الغزل والنسيج ورجال صندوق دعم صناعة الغزل والنسيج1954
اجتماع مجلس الخدمات العامة1954
اجتماع المجلس الاعلى لهيئة التحرير برياسة عبد الناصر1954
اجتماع بين عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء ورؤساء تحرير الصحف1954
اجتماع مجلس الانتاج القومى1954
استقبال اعضاء اتحادات تجارالمنسوجات ونقاباتى عمال السويس والحمالين فى مجلس قيادة الثورة1954
اجتماع عبد الناصر مع الرئيس المصرى محمد نجيب فى مجلس قيادة الثورة1954
اركان حرب جمال عبد الناصر مع القوات المصرية فى الفالوجا 1ديسمبر 1948
استقبال رئيس مصرمحمد نجيب ورئيس مجلس الوزراء عبد الناصر لملك السعودية1954
استقبال صحفيين امريكيين1954
استقبال السفير السعودى بالقاهرة1954
استقبال اعضاء البعثة الكندية 1954
    استقبال جاندى وكوفالت من المؤسسة الصحية العالمية لشلل الاطفال1954استقبال اعضاء مجلس ادارة نادى الضباط البوليسى بدار الرياسة 1954استقبال عبد الخالق حسونة الامين العام للجامعة العربية1954استقبال الدكتورعلى ماهر1954
  • استقبال رؤساء هيئة اركان حرب الجيوش العربية1954
          •  
             وثائقيات وفيديوهات لجمال عبد الناصر










إقرأ المزيد Résuméelnoba

جمعة الشوان أو أحمد الهوان - الرجل الذى خدع الموساد


أحمد الهوان الشهير بجمعة الشوان
تاريخ الميلاد 1 يوليو 1937.
مكان الميلاد السويس.
المهنة بطل من أبطال المخابرات المصرية.
.
مواقف لاينساه مقابلته للزعيم جمال عبد الناصر
موقف يعتز بحدوثه "يوم ان مسح شيمون بريز جزمة الشوان" .
وشهادته شيمون بريز بان الموساد حمير 

قصة خداع مصرية  

إنه الجاسوس المصري الذي نجح في اختراق الموساد وخداعه أحد عشر عاماً . قام خلال هذه السنوات الطويلة بالتعاون مع الإسرائيليين ومعرفة ما يريدونه وأخبارهم بما يريده المصريين مما جعله جاسوسا هاما بالنسبة للإسرائيليين، وبعد حرب أكتوبر المجيدة زادت حاجتهم إلى الهوان وسرعة إرسال المعلومات ولذلك قرروا اعطائه أحدث أجهزة الارسال في العالم والذي كان أحدها بالفعل موجود بمصر ولم تستطع المخابرات في القبض على حامله وهنا قرر الهوان الذهاب إلى إسرائيل للحصول على الجهاز وهناك قاموا بعرضه على جهاز كشف الكذب والذي تدرب عليه جيدا مما جعله ينجح في خداعهم جميعا ليحصل على اصغر جهاز إرسال تم اختراعه في ذلك الوقت ليكون جاسوسا دائما في مصر. وبمجرد وصوله إلى أرض مصر وفي الميعاد المحدد للارسال قام بارسال رسالة موجهه من المخابرات المصرية إلى الموساد يشكرهم فيها على الحصول على جهاز الارسال. وهنا انتهت مهمة أحمد الهوان.
نشأتهولد وتربي ونشأ بمدينة السويس والتي اضطر إلى الهجرة منها هو وعائلته امه واخوه وزوجته بعد نكسة يونيو 1967 وهناك فقدت زوجته نظرها نتيجة للقصف الإسرائيلي وتدمير لنش صغير ملكا للهوان

اليونان والموساد
 
حاول العمل في القاهرة في السوق السوداء عن طريق بيع المواد التموينية والتي كان محظور التجارة فيها لظروف البلد الاقتصادية السيئة حتى انغلقت كل الأبواب في وجه فاضطر إلى السفر إلى اليونان لمقابلة رجل أعمال هناك ذكر في المسلسل باسم باندانيدس وهو يملك العديد من سفن الشحن ويدين للهوان بحوال 2000 جنيه ولكنه لم يكن موجود في اليونان كخطة من الموساد كي يعاني الهوان ويوافق على أي شيء وفي اليونان قابل الهوان الريس زكريا (هو اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الاسبق) بالمخابرات العامة وحاول اقناعه بالعودة ولكن الهوان لم يستمع له. وبعد مرور الوقت قرر الهوان العودة إلى مصر لولا انه عرف ان باندانيدس قد عاد وذهب لزيارته وهناك قام بندانيدس باعطائه عمل على إحدى سفنه والذاهبة إلى بريستون بانجلترا.
وهناك تعرف على جوجو الفتاة اليهودية والتي احبها واغرته للعمل معها وطبعا كان ذلك تخطيطا من الموساد،  بعد سفر السفينة التي كان يعمل عليها لم يكن امامه سوى العمل بالشركة التي يملكها والد جوجو وبها قابله أحد رجال الموساد على أنه سوري واسمه أبو داود (في الحقيقة شمعون بيريز رئيس إسرائيل ورئيس وزرائها فيما بعد) يعمل بالشركة وطلب منه ان يعود إلى مصر ويجمع بعض المعلومات عن السفن الموجودة بالقناة.
وعندما عاد الهوان إلى مصر قام بفتح محل بقالة لبيع المواد الغذائية واخذ يجمع المعلومات التي طلبت منه ولكن الشك في قلبه اخذ في التزايد فذهب إلى مقر المخابرات العامة المصرية وهناك التقى بالضابط مدحت والذي عرفه بالريس زكريا وحكى له بكل ما لاقاه، وهنا قرر التعاون مع المخابرات المصرية لتلقين الموساد درساً...

تحول جوجو للجانب المصرى
 
وقد قام الموساد محاولة القضاء على جوجو التي وقعت في حب الهوان بجرعة زائدة من المخدرات ولكنها لم تمت ومن هنا قررت الانتقام فساعدت المخابرات المصرية على تأمين الهوان بإسرائيل والاتصال به في الوقت المناسب وقد أتت جوجو لمصر وأعلنت دخولها فى الاسلام وسمت نفسها فاطمة وغني عن الذكر ان المخابرات المصرية قامت بتمويل عملية زوجة الهوان في مصر على يد طبيب أجنبي متخصص كان في زيارة لمصر للقيام بعدد من العمليات الجراحية وقد نجحت العملية يوم العبور الكبير في السادس من أكتوبر عام 1973 . وكان الهوان يعيش في منطقة المهندسين بالقاهرة وبالتحديد في شارع الرشيد المتفرع من احمد عرابي

البطل أحمد الهوان
 اسرار عن حياة ومغامرات الشوان
• البطل أحمد الهوان بدأ العمل  بمعرفة ومباركة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
• قام الزعيم عبد الناصر عبدالناصر باعطاء الشوان  رقم هاتفه الخاص .
• لولا مقابلته للزعيم عبد الناصر ما  قام بأي عمل, فقد كانت هذه المقابلة دفعة قوية له.
• كان ثمن شراؤه وضع الموساد في طريقه 111 من اجمل الفتيات على اطباق حمراء لاغوائه.
• باع اسبرين وفلفل ابيض مطحون بستمائة جنيه على انه كوكايين ليستطيع العيش فى بدايات رحلته الى اليونان.
• إغداق الموساد عليه بالأموال طيلة عشر سنوات قضاها في اوروبا.
• في شقته بوسط القاهرة التي كانت غرفة عمليات لأقوى عملية تجسس مزدوج لصالح مصر.
•  في عام 1968 عندما سافر  إلى هولندا لمقابلة بعض رجال الموساد في بداية عملي معهم.. لم يكن يعلم أنهم سيضعونه في اختبار صعب للتأكد من ولائه لهم.. زعمين أنهم شاهدوني في مبنى المخابرات العامة المصرية في القاهرة وتم حبسه في حجرة بأحد مزارع أمستردام وأحضروا 12 رجلا تم تقسيمهم  إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة 4 أفراد وتناوبوا الاعتداء عليه حتى يعترف بالحقيقة. كان يغمي عليه من شدة الضرب وصمد  رغم شدة الألم بعدها تأكدوا من سلامة موقفيه ونجحت في خداعهم..
•  عندما شاهد من فوق خط بارليف في الضفة الشرقية من قناة السويس التي كانت في هذا الوقت محتلة بقوات اسرائيلية وشاهد بيته ومكتبه في الضفة الغربية في مدينة السويس يقصف بالدبابات وذلك أثناء حرب الاستنزاف... وخشي أن تسقط دمعة من عينه حزنا على الدمار الذي لحق ببلده فينكشف أمره أمام الإسرائيليين.. وقتها دعى الله أن يلهمه الصبر والصمودوقد كان فبدلا من أن تتساقط الدموع من عينه فتفضحه.. سقطت من فمه وكان طعمها علقم فمسحها وحمد  الله.

رغم كل الإغراءات عجز الموساد عن شراء وطنية احد ابناء هذا الوطن الطيب الممتد من المحيط الى الخليج الذي اختار بدلا من الخيانة الطريق الأصعب وهو تضليل عملاء الموساد وإيقاعهم في حبائل المخابرات المصرية شارعا في رسم ملامح ملحمته الوطنية الخاصة.

عبور المصريين لقناة السويس كان اسعد خبر سمعه الهوان
 
النهاية
 
معركة 6 أكتوبر ومقابلته لصقور إسرائيل :
بعد نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس وتحرير التراب المصري وإلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي .
وصات رسالة من الموساد تطلب   الحضور فورا إلى البيت الكبير (تل أبيب) .
توقع انكشاف امره وبعد مشاورات مع رجال المخابرات المصرية وتدخل الرئيس الراحل أنور السادات الذي تولى وقتها رئاسة مصر خلفا للراحل جمال عبد الناصر وافق  على السفر إلى تل أبيب.
فور وصوله إلى تل أبيب تقابل  مع شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق  وعايزرا وايتسمان  والياعاذر الذين أكدوا له أن أمريكا لن تسكت على ما حدث وأن هناك ترتيبات أخرى سوف نعد لها سويا..
 تظاهر  أمامهم بالحزن العميق بسبب الهزيمة باعتباره إسرائيليا .
وعاتبهم على  ضياع منصب محافظ السويس الذي وعدوه به عندما يدخلون القاهرة منتصرين في الحرب.
اصطحبوه للتدريب على جهاز إرسال خطير يعتبر أحدث جهاز إرسال في العالم يبعث بالرسالة خلال 5 ثوان فقط..
حصل على الجهاز بعد نجاحه في اختبارات أعدوها خصيصا له قبل تسليمي الجهاز.
تم اخفاء  الجهاز  داخل فرشاة أحذية .
 قال للشوان عندما رأي الجهاز مخبأ تحت شعيرات فرشاة أحذية جديدة  مين الحمار اللي وضع الجهاز هكذا؟ وكان رد  الشوان  "حمار من عندكم"، وضحك الاثنان
 شمعون بيريز قام بنفسه بوضع بعض "الورنيش" على الفرشاة ولمع جزمه الشوان  لتبدو مستعمله.
عودته إلى مصر بأخطر جهاز إرسال في العالم أطلقت عليه مصر (البطة الثمينة).

صورة تعبر عن ما يحمله المصرى البسيط لابطاله
 
نهاية النهاية.توفى أحمد الهوان في يوم 1 نوفمبر 2011 الموافق 5 من ذى الحجة 1432 في مستشفى وادي النيل بالقاهرة عن عمر يناهز 74 عاماً بعد صراع طويل المرض.
وقد أديت عليه صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر يوم 2 نوفمبر 2011 في مسجد الوفاء بمنطقة حدائق القبة وأقيم العزاء بمسجد عمر مكرم بالقاهرة.

بالورود والحشود الغفيرة ودعت مصر احمد الهوان
 
من اقواله المأثورة  لشباب مصر

رسالة الهوان الاخيرة لشباب مصر .. فهل من مستمع
-مهما قابلتكم مصاعب تمسكوا بالأمل  ده اللى أنا كانت عايش بيه طول السنين اللى فاتت.
-  الجوع كافر بس خيانة الوطن أشد أنواع الكفر.
- مصر غالية وهاتفضل حرة وقصة حياتى رسالة أبقوا افهموها.  


إقرأ المزيد Résuméelnoba
 

النوبة اليوم © 2011 All rights Reserved elnoba elyoum | Template Style by Blogger | Development by Mohamed Hassn | الى الأعلى |